
مع قدوم عيد الحب نفرح بإحضار زهور الروز و الياسمين و تلك البطاقات المعطرة
لنتبادل أرق التهانى و نتقاسم الفرحة فى هذا اليوم . و فينا من تذكره بأقسى القصص
فيكتفى بالعبرات لتغسل ذكريات لم تغسلها الأيام .
عيد حب سعيد ، الكل يقولها و هم يعلمون أنه ليس بشيئ يدعو الى السعادة
نحن فقط نتمنى فضلا عن السؤال عن حال بعض .. و ربما يكون منطق التهيئات
الأفضل فى بعض الأحيان .. تماما كما لو كنا نصيغ الأسئلة و إجاباتها بنفس العبارات ..
أسحب قلمى لأدون كلمات و جدت طريقها إلى مخيلتى .. أسارع بتدوينها على البطاقة
تبدو السطور جميلة فى إتزان زاد من روعة منظرها و لكنها بقدر
الجمال الذى صيغت به بقدر بعدها عن الحقيقة .لماذا نذهب الى الجمال لنكسوا به واقعنا فضلا عن إيجاد الجمال فى مكنونات
الأشياء و دواخلها ، هكذا نحن دوما نبهر بالصدفة المجـوفة !!
أمشى على جسر النهر فقط لأرى أحوال البشـر فى هذا اليوم .الطيور وحدها التى تبدو جاهلة لما
يجرى حولها فكل أيامها واحد و سعيها لا يتغيـر مع الأيام لكنها أساتذة فى فن الغناء .
هناك تسقط البطاقة من يدى لتطفو خائبة على وجه الماء ..عذر كافى لعدم إحضارى لها ..
تبرق زخارف غلافها الذهبى مع أضواء الكورنيش النابضة بالحياة
هناك تخطف عينى لمحة من رجل ينتظر كيوبيد ليصاب بقوسه فى يوم الحب ..
طفلة فى سن الثانية عشر تستلم فرحة أول برقية لها فى هذا اليوم ، على أنغام الموسيقى الكلاسيكية
عاشقان يشربان فى نخب الليلة .. و آخران يودعان بعضها البعض فى ذكرى زواجهم الخامس ؛
ترمى الزوجة خاتمها و تخرج من المطعم تسابق سرعة إيقاع البيانو
يركض الزوج لاحقا بها مناديا : ( هل كل شيئ على ما يرام ! )
يختفيان فى لمح البصر عكس أضواء الشموع التى تزيد من حرارة المجلس .. الكل يحدق نحو الباب
متسائلا ما حدث ، فلا أظن إن أحد رأى ما جرى سواى ..تعود ألحان الموسيقى تعزف و لكنها أكثر طربا
هذه المرة .. يغنون سويا عيد حب سعيد برغم الحزن المدفون تحت جفونهم
توا يدخل آخران و على نفس المنضدة الموعودة يجلسان و يهما بالحديث .. تبدو عليهم ثمة خجل و حياء
هكذا نحن بين عقلاء و مجانين عشاق و قتلى فى الهوى !
عاشقان يكتبان نهاية حبهما و آخران يملآن المحبرة لتسجيل الولهة الأولى
فينا من يغنى و يرقص على نغم الحب و آخر يقلب أيامه و يزف الى الماضى بالسواد ..
ها نحن بين معذب فى الهوى و حالم ما زال يرتوى من الكأس ، برغم إختلافنا عن هذا المخلوق
الذى يتمثل فى هذا اليوم إلا إن كل منا يدرك تماما مدى تأثيره على حياتنا ..
نعلم تماما قدرته على تدميرنا أو إعادة بناء هياكلنا المهشمة .
إذن .. لما ننظر للخلف و نستعيد زكريات أليمة كنا على وشك نسيانها طوال العام .
لما نهم بقراءة دواويننا القديمة و عزف ألحان الشجن فى عيد الحب ، و تلتقط أناملنا عمدة
أو سهوا تلك الورود اليابسة التى تسكن بين صفحات دفاتر الأمس .
أيادينا وحدها التى تقدر على مسح دموعنا و تدوين الفرح
فدعونى أعيدها عليكم من جديد :
" لماذا نحمل حقائب الماضى بكل عبئها لنتسلق الأيام من جديد !!!
فلنبتدى صفحة أخرى فى يوم جميل و ليس حياة جديدة فقط ..
بل حياة يملؤها الحب و الأمل ..
لسنا قادرين على مسح صفحة الأمس ..
و لكننا قادرين على الكتابة فى صفحة جديدة بحبر البياض .
"فمعا نبتدى تدوين أجمل اللحظات فهيا نبتسم
و عيد حب سعيد
عندها فقط نقبل التهانى ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق