
كم فصل قد جاء منذ ذاك الخريف
كم قمـرًا قد دار و مـر كنت مازلت طفلة
لا أخاف الحبو لا أخشى على قلبى المكمـون من ذاك اللعين
كنت طفلة لا أخاف النار
و مثل الحب و النيران واحدٌ
كلاهما يشتعل قدرًا
كلاهما يترك أثرًا
و في الحالتين الأثر واحدٌ و الجرح واحدٌ
أحببت و الحب عند العرب محَرّمًا
و الشوق عندنا محرم
و تلاقى العيون عشقًا محرّمًا
و تلامس الأنامل في ضوء القمر محرمٌ
و كل ما جاء من القلب حرامٌ
فرضوا علينا ضريبة حبنا
و أقاموا الأسوار بيننا
و شيدوا حصونا لا تهيم حصون
و حرّموا كل شيئا يقرب قربنا
يجدد أو يستثير عشقنا و عزموا كل صلواتهم ...
كلها من أجل أن نفترق و نحن بالحب يا حبيبى نذوب و نحترق
**
آه من ذاك الخريف
لم يكن كأي فصل
جاء كالإعصار ليعتصر عصفور قلبي
فسرق كل ما حفظته نفسي
و أنسى ذلك القلب الصغير همسة الحب البريء
و مسح كل عبارات الغرام
و سحق كل رياحين الصباحاتِ
و إغتال كل صغيرات اليمام
حتى أكاليل الورد بعده ما عادت نديات
و لم نعد نتغنى بالحُبّ على أرصفة الطرقات
و في أزقة الشعبيين
و لا نلعب و نرقص طربًا
و نهيم عشقا كالغربيين
كلّ هذا بعد أن جاء ذلك العهد الخريفي الحزين
فآه من ذاك الخريفِ
و آه من ذاك المصِيفِ
و آه من كل أيامى التى صارت بلاَ أيام
و من كل ليالى عشقى المذبوح دون اللحن و الأنغامِِ
**
كنا و كان و يا أجمل ما كان
قبل أن تنشف سنابل قمحنا
و ينفذ أريج الأقحوان
يأتى حبيبى بكل مافى الكون من أشواق
يحفظها فى قلبه كالقصيدِ
و ينثر ما تبقى على الأوراق
يداعب قلبى الوحيد
و يأتى ببنات شفاتى من الأعماق
**
هكذا كنُا و يا أروع ما كنُا
قبل أن يصاب الحب بذاك الداء
قبل أن تطعنه رصاصات الغزاة
قبل أن يصبح مشلولا بموطننا
يتنفس الرمق الأخير بين البحر و البيداء
فبحق الرب يا عمـرى
و بحق حب ينعى مقتله
و موتاه لا تنسى كيف نذوب حبا
و نهيم عشقا كما الفراشات
فإن قتل الحب
يا حبّى
فستبقى الروح مع الكلماتِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق